السبت، 23 سبتمبر 2017

الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان بقلم الرائع د . صالح العطوان الحيالي



"الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان" عين رسول الله (ص) في غزوة الخندق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي 21-9-2017
حين يذكر الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه نستحضر معه، موقفه الحكيم في غزوة الخندق، كما أننا نستحضر أنه كان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولد سيدنا حذيفة بن اليمان في مكة، وعاش مع والده في المدينة, فهو مكي الأصل, مدني النشأة، وحين بُعث النبي عليه الصلاة والسلام كان حذيفة على شوق كبير ليلقاه، ويملأ جوانحه من حبه، فما أن التقى بالنبي عليه الصلاة والسلام، حتى أعلن إسلامه هو وأخوه ووالدهما، وكان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجد حذيفة ضالته في الإسلام، ونمت قدراته وتفتحت مواهبه، وكان يتمتع بشخصية لها سماتها وخصائصها، وهذه الشخصية كأنها جاءت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام؛ لتكون قدوة لمثيلاتها في العصور القادمة، وكان أحد الأبطال الذين تحتفظ بهم الأمة في ذاكرتها. كان حذيفة رضي الله عنه صاحب طاقة عقلية وفكرية فذة، فمن مواقفه مع الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يسأله عن الشر مخافة أن يدركه، فعن أبي إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم". قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر". قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها". قلت: يا رسول الله، صفهم لنا. فقال: "هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا". قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"متفق عليه. على أن الموقف الذي حفظ لحذيفة مكانا مرموقا بين قادة الأمة هو يوم الخندق، يوم تجلت حكمته حين نفذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأن أتى بأخبار المشركين دون أن يثيرهم، وقد كان في مقدوره قتل أحد رؤوس المشركين آنئذ أبا سفيان بن حرب رضي الله عنه. وتروى المصادر عن حذيفة قوله: أن الناس تفرقوا عن رسول الله ليلة الأحزاب فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً، فأتاني رسول الله وأنا جاثٍ من البرد، وقال: "يا ابن اليمان، قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب، فانظر إلى حالهم". قلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما قمت إليك إلا حياءً منك من البرد. قال: "فابرز الحَرَّة وبرد الصبح، انطلق يابن اليمان، ولا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إليَّ". فانطلق حذيفة إلى معسكرهم وعرف أخبارهم، ثم أتى رسول الله وهو قائم يصلي، فلما فرغ من صلاته قال: "ابن اليمان اقعد، ما الخبر؟" قلت: يا رسول الله، تفرق الناس عن أبي سفيان، فلم يبق إلا عصبة توقد النار، قد صبَّ الله عليه من البرد مثل الذي صب علينا، ولكنَّا نرجو من الله ما لا يرجو.
وكان رضي الله عنه صاحب سر الرسول صلى الله عليه وسلم، بعدما تأكد الرسول من إمكانياته وخصائص فماهي الخصائص التي أهلته ليكون موضع سر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟:
أولاً: يتمتع بذكاء فذ، يسعفه في حل المعضلات.
ثانياً: يتمتع ببديهة مطاوعة تلبّيه كلما دعاها.
ثالثاً: يتمتع بكتمان للسر فلا ينفذ إلى غوره أحد، عنده صدر واسع.
وحينما انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ظهرت فئة المنافقين، فرأى حذيفة ذكياً، ورآه صاحب بديهية، ورآه كتوماً للسر، كلفه وأفضى إليه بأسماء المنافقين الذين أطلعه الله عليهم، فكان حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله.
نتصفح تاريخنا المضيء التاريخ الذي صنع لنا حياتنا وابهرنا بروعته ...فأستشرفنا مستقبلنا ....ونحن مطمأنين علي ان مامضي من تاريخنا الاسلامي هو قاعدة صُلبة تُشرِّف وترفع هامات من يقتدي بها ....ومع ذلك هناك من بهرته قصص وتاريخ وحواديث الغرب ومغامراتهم ...فأنذهل وفُتحت عيونه اعجاباً ...وكأنه لايملك تاريخ ولا جبال شامخة من الابطال والاسود ...فيخجل حتي من ذكرهم والافتخار بهم ....كي لا يُقال عنه انه رجعي يتغني بالتاريخ والماضي فقط ...هنا نقول لمثل هؤلاء .....إن كان ذلك كذلك ...فلماذا تتغني بتاريخ غيرك ...من قتل واستعمار دول وهتك اعراض امم ....؟ من الذين لاتاريخ لهم يشرف سامعيه ومتتبعيه ....اما نحن اُمة محمد صلي الله عليه وسلم المُحبين لكل من له صلة بديننا الحنيف ....نفتخر ونعتز ونعيد تذكير انفسنا ..
.في وقت هواننا وضعفنا واستكانتنا ...وانحطاطنا ...ان لنا تاريخ ولنا جهابذة علم وتقوي وجهاد وابداع وايضاً تخصصات تُدرس في دول لم تجد في تاريخها قدوة او شخصية اعتبارية قامت بما لم يقم به غيرها ....فنجد حتي العلوم السياسية والتي تختص بكل فنون السياسة والحروب ....نجد بفضل الله ان لنا فيها رجال يُفتخر بهم ...وباعمالهم وبامكانياتهم البسيطة ....فدونوا مدونات عظيمة في كل شيء ....فلنتصفح احد هذه المدونات ونتعرف علي الرجل الذي كره النفاق والتزلف للامراء..والذي جعل الصدق منهجه وديدنه ووسيلته ...فرفض ان تُقدم له الهدايا والتبريكات له حين تمت توليته والياً 
والذي لم يسال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم على الخير وتوابعه ....بل سئل علي الشر وسبله وطرق النجاة منه ... لانستغرب اختيار الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم له في مهمة الاولي في التاريخ الاسلامي والتي تلقفها التاريخ الغربي ليبني منها منهج وطريقة ووسيلة في الحروب والمنازعات بين الدول وهي مهمة استخباراتيه .....
التي تخدم الاُمة .....وليست التي تخدم طائفة مُحبة للسلطة ...وترهيب عباد الله ....
فلنتعرف سوياً علي رجل الاستخبارات الاول في الاسلام وهو الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان ( رضي الله عنه ) ...فقبل أن نعرف ماهي الرسالة التي حمّلها الرسول الكريم
( صلي الله عليه وسلم )....لرسوله الصحابي الجليل حُذيفة بن اليمان ،...وماهي المهمة الخاصة الاستخباراتية بالمفهوم الحديث ، التي دلت على حنكة الرسول الكريم 
( صلي الله عليه وسلم ) ،والحس القيادي العسكري العالي الذي كان يتمتع به ،...
وجب علينا أن نعرف من هو هذا الرجل الذي تغلغل في صفوف كفار قريش ليعلم ما يدبرون ولينفذ ما أراده الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ، من معرفته عنهم ..
فهذا الرجل البطل الذي يُلقب بعدوا النفاق وصديق الوضوح ، إنه حذيفة بن اليمان ،
الصحابي الجليل ، الذي تصدق بدية أبيه علي قاتليه من المسلمين خطأً يوم أُحد ،والذي أمّرهُ الفاروق عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) فيما بعد على المدائن والذي سار حذيفة والناس محتشدون حوله وحافون به ، اثناء وصوله للمدائن والياً لها ،لم يأمر تابعيه ورجاله ومتملقيه ان يسبقوه للتنسيق في كيفية استقباله وبسط السجاد ليمر عليه ....
وحتي نوع الورود المفترض تقديمها له والقصائد الشعرية التي يجب ان تكون وسيلة ترحيبية به لم يفعل ذلك الوالي حذيفة بن اليمان بل فعل امراً لازال التاريخ يذكره له 
ببساطة لانه لا احد قام وانبري صوته مثله في مثل هذا الموقف حينما رآهم يحدقون فيه كأنهم ينتظرون منه حديثاً أو تصريحاً ،لأنهم تعودوا على الأمراء السابقون وما ينتظرون منهم من كلام وعطايا فألقى على وجوههم نظرة فاحصة ثُمّ قال لهم : " أيها الناس إياكم ومواقف الفتن .....!! فقالوا له : وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله ..؟ فقال لهم وبكل صراحة وقوة : أبواب الأمراء وعطاياهم.. يدخل أحدكم على الأمير أو الوالي ،
فيصدقه بالكذب ويمدحه بما ليس فيه " !!! هكذا بدأ عمله كوالي لانفاق لا تملق لاوصولية لاتزلف لاكذب وحذيفة بن اليمان هذا الذي كلفه الرسول الكريم
( صلي الله عليه وسلم ) في مهمة خطيرة وهو الذي جاء إلي الحياة مزوداً بطبيعة فريدة تتسم ببغض النفاق والقدرة الفائقة في رؤية مكامنه البعيدة فمنذ أن جاء هو وأخوه صفوان في صحبة أبيهم إلي الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) وأعتنق ثلاثتهم الإسلام ، فلقد عانق وعانقوا ديناً قوياً نظيفاً شجاعاً قويماً يحتقر الجبن والنفاق والكذب 
فتأدب حذيفة بن اليمان علي يدي رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ،تأدب واضح كفلق الصبح ، فنمت موهبته وتخصص في قراءة الوجوه والسرائر ، فيقرأ الوجوه في نظرة ويبلغ بها الأعماق المستترة في النفس ، فكان يقول : كان الناس يهتمون و يسألون رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ،عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فأقع فيه ، فقلت له: يا رسول الله إنا كنّا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد الخير من شر ..؟ فيقول لي: نعم .. فقلت : فهل بعد هذا الشر من خير ..؟فيقول :نعم ، وفيه دخن.. فقلت له : وما دخنه ...؟؟؟ قال : قوم يستنون بغير سنتي ، ويهتدون بغير هديي ، تُعرف منهم وتُنكر .. فقلت: وهل بعد ذلك الخير من شر ..؟ قال : نعم ، دعاة على أبواب جهنم ، من أجتذبهم إليها قُذفوا فيها .. فقلت : يا رسول الله ، فما تأمرني إن أدركني ذالك ..؟ فقال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ..قلت : فأن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ..؟ قال: تعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك ...!! وهو الذي كان يقول بأسلوب فيلسوف وبحصافة وحكمة حكيم : إن الله تعالي بعث محمد ( صلي الله عليه وسلم ) فدعاء الناس من الضلالة إلي الهدي ، ومن الكفر إلي الأيمان ، فاستجاب له من استجاب ، فحيى بالحق من كان ميتاً ..
ومات بالباطل من كان حياً ..ثُمّ ذهبت النبوة ، وجاءت الخلافة على منهاجها.. ثُمّ يكون مُلكاً عضوضاً ..! فمن الناس ينكر بقلبه ويده ولسانه ، أؤلئك استجابوا للحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه، كافاً يده ، فهذا ترك شُعبة من الحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ، كافاً يده ولسانه ، فهذا ترك شُعبتى من الحق ، ومنهم من لا ينكر بقلبه ولا بلسانه ولا بيده ،
فذلك ميت الأحياء ....!!! وهو الذي تحدث عن القلوب فقسمها إلي أربعة قلوب فقال :
قلب أغلف ، فذالك قلب الكافر وقلب مصفح ، فذلك قلب منافق وقلب أجرد ، فيه سرح يُزهر ، فذلك قلب مؤمن وقلب منه نفاق وإيمان فمثل الأيمان كمثل شجرة يرويها ماء طيب، ومثل النفاق كمثل القُرحة يمدها قيح ودم ، فأيهما غلب على صاحبه أصبح مثله .
وكان حذيفة بن اليمان ( رضي الله عنه ) ذو لسان هادً وقاسٍ أحياناً ، فخاف على نفسه ، 
فسأل النبي الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ، فقال : يا رسول الله إن لي لساناً ذرياً على أهلي وأخشي أن يدخلني النار ، فقال له النبي الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) :
( ،فأين أنت من الاستغفار ..؟ وأني لأستغفر في اليوم مئة مرة )
فهذا هو الصحابي الجليل الذي أختاره النبي الكريم في غزوة الخندق ، ليكون عينه الاستخباراتية لنقل ما يدور في معسكر الشِرك والكفر ،. فبعد أن دب الفشل في صفوف كفار قريش وحلفائهم من اليهود ومن غطفان ،.اثناء حصارهم للمدينة ، أراد النبي الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،أن يقف على آخر التطورات هناك في معسكر أعدائه 
فكان الليل مظلماً ورهيباً ،. وكانت الصواعق تزأر وتصطخب ، كأنما تريد أن تقتلع جبال الصحراء الراسيات من مكانها ، وكان الموقف كله بما فيه من حصار وعناد وإصرار يبعث على الخوف والجزع ، وكان الجوع المضني قد بلغ مبلغاً وعراً بين أصحاب الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،. فمن كان يملك القوة والشجاعة ليذهب وسط مخاطر حالكة إلي معسكر الأعداء ويقتحمه ويتسلل داخله ، ثُمّ يتفحص أمرهم ويعرف أخبارهم وما آلت إليه حالهم ..؟ فقرر النبي الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،أن يختار من أصحابه من يقوم بهذه المهمة الخطرة والعسيرة....
فمن يكون هذا البطل ..؟ إنه حذيفة بن اليمان ، حيث دعاه النبي ( صلي الله عليه وسلم ) ،فلبى النداء ، ومن صدقه العظيم يخبرنا وهو يروى النبأ وكيف تمت عملية اختياره ، ولم يكن له أن يملك إلا أن يلبي . مشيراً بهذا إلي رهبة هذا المهمة الموكلة إليه ،...
ويخشى عواقبها ، والقيام بها تحت وطأة الجوع ، والصقيع والإعياء الشديد ، الذي خلفهم فيه حصار المشركين والذي أستمر قرابة شهر أو يزيد ..! وكان أمر حذيفة بن اليمان تلك الليلة عجباً فلقد تحدث عن ذلك بكل صدق وشجاعة .. .فلم يظهر بطولته وشجاعته 
بل أظهر ضعفه البشري مثله مثل الصحابه الكرام ..فالظروف التي عاشوها تلك اللحظة تثني الانفس وتكسرها من الارهاق والجوع والجزع والبرد الشديد طوال مدة الحصار 
فتكلم بصراحة وصدق في كيفية اخياره فقال: لقد رأيتنا مع الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،بالخندق في قطعة من الليل ، فألتفت إلينا ونحن بجانبه منهكى القوة وقال :
من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثُمّ يرجع ، وأنا أضمن له الرجوع ويكون رفيقي في الجنة...!! فلم يقوم أحد من القوم ،. من شِدة الخوف والجوع والإنهاك وشدة البرد ، 
نعم لم يقوم احد وهنا يتكلم هو عن نفسه ...ولم يميزها عن بقية الصحابة الكرام ...
.وهذا لعمري شجاعة وصدق لامثيل له فأعاد الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم
مرة أُخرى فلم يقوم أحد ، فلما لم يقم أحد قال : يا حذيفة ، أذهب فأدخل في القوم فأنظر ماذا يصنعون ، ولا تُحدث فيهم أمراً حتى تأتينا ، والقصد من ذلك لاتتصرف أي تصرف فيه خطر عليك انظر واسمع فقط وارجع لنا بالاخبار . هذه من اساسيات رجل الاستخبارات الحديث .. فذهبت فتسللت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل فيهم ما تفعل ، لا تستقر لهم قِدراً ولا نار ولا بناء ،. فقام أبو سفيان بن حرب وقال:
يا معشر قريش ، لينظر كل أمرؤ من يجالس ومن هو جليسه ، فأنى أخشى من أن يخترق صفوفنا أحد من أعداءنا ، فأخذت بيد الرجل الذي كان من جانبي الآخر وقلت ك من أنت ..؟ قال : معاوية بن أبي سفيان ، ثُمّ ضربت بيد الرجل الذي كان إلي جانبي الأخر وقلت له : من أنت ..؟ فقال : عمرو بن العاص، ثُمّ قال معاوية بن أبي سفيان :
يا معشر قريش ، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلكت الخيل والإبل ، 
وخالفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم ما نكره، ولقينا من شِدة الريح ما ترون ،. ما تطمأن لنا فيه قِدر ولا تقوم لنا فيه نار ولا يستمسك لنا بناء ، فارتحلوا وإني مرتحل ، فركب جمله وأنطلق. فو الله لولا عهد رسول الله ( صلي الله عليه وسلم ) ، إليّ ( أن لا أُحدث أمراً حتى آتيه ) لقتلته بسهم ، ثُمّ بعد ذلك رجعت إلي رسول الله وهو قائم يصلي ، فلما رآني أدخلني إلي رجليه وطرح علىّ طرف الكساء الذي كان يلتحفه ، ثُمّ ركع وسجد ، وإني لفيه، فلما سلّم ، أخبرته الخبر ، ففرح الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،
بهذا النصر ، وسمعت غطفان بما فعلته قريش ،. فانطلقوا راجعين إلي بلادهم ، فلما أصبح الصبح أنصرف رسول الله( صلي الله عليه وسلم ) ، عن الخندق راجعاً إلي المدينة ، وكان دخوله يوم الأربعاء ، لسبعة أيام بقيت من ذي القعدة للسنة الخامسة للهجرة ووضعا السلاح ، إذاناً بأنتها القتال مع قريش ومن يلوذ بهم من غطفان ، ......
فلما كانت الظهر من نفس اليوم ، والنبي في المدينة ، أتى ( جبريل عليه السلام ) ، للرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،معتمراً بعمامة من إ ستبرق ( نوع من الديباج الغليظ ) ، وجاء راكباً بغلة عليها سرج من قطيفة من ديباج . فقال لرسول الله ( صلي الله عليه وسلم ): أوقد وضعت السلاح يا رسول الله..؟ فقال :
نعم ، فقال جبريل( عليه السلام ) : فما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت ألان إلا من طلب القوم .. وإن الله عز وجل يأمرك يا مُحمد بالمسير إلي بني قريظة ، فأني عامد إليهم فمُزلزل بهم ، فأمر النبي الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،مؤذناً ، فأذن بالناس : من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة . وكان قد أستعمل على المدينة عمرو بن أبي مكتوم . وقدم الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) ،
رايته إلي علي بن أبي طالب ،فاستُقبلت راية الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم )
ببني قريظة بالسب والشتم ، . فلما سمع الرسول الكريم ( صلي الله عليه وسلم )
ذلك منهم قال لهم : ( يا أخوان القِردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته ..؟ ) فقالوا : يا أبا القاسم ما كنت يوماً جهولاً فهذا كان اعتراف منهم بأن الرسول الكريم
( صلي الله عليه وسلم ) ،لم يكن يوماً جهولاً ، ويعلمون ذلك في كتبهم ويصدقون بأنه هو النبي الخاتم للأنبياء ، ولكن تعنتهم وكفرهم بكتبهم وحقدهم عليه ، جعلهم لا يصدقونه حتى وإن جاء مكتوب في كتبهم ، وبالفعل فقد جاء في كتبهم ذلك ولكن هؤلاء هم اليهود ، كفر وتعنت وجهل ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق