الثلاثاء، 17 أكتوبر 2017

شذرات فكرية معاصرة بقلم الرائع راوند دلعو


شذراتٌ فكريّة مُعاصِرة :
( الواقعيَّة أساس النجاح )
الإفراط في كل شيء مُضِر ، إلا في الواقعية فهو مُفيد ....
لأكُن واقعياً و أقول :
فلنكُن واقعيين حتى النّخاع ...
و لنتعلّم من الغرب واقعيَّتَهُ المُفرطة ، فهو حتى في جموحه الخيالي واقعيّاً....!
فخيال الكاتب الغربي يدور حول الصّحون الطّائرة و الكائنات الفضائيّة و الدينوصورات و الحروب الرّوبوتية و الحواسيب العملاقة و المدن المرّيخية ... الخ ، و كلها أمور مُستمدَّة من أدقّ الفرضيَّات و أحدث الأبحاث في مجالات علوم الفضاء و الجيولوجيا و الفيزياء ...
و هذا نوع من تغذية الواقع الحالي بما يوشك أن يكون واقعياً ( و هو ما أسمّيه التغذية المُتقدمة_ FeedForward ) فهو نوع من الواقعية الحضارية التي تتشوَّف المستقبل أي تستقبل تغذيتها من المستقبل مما يدفعُها باتجاهه !!!
لَكَأنِّي بالغرب رامياً خياله العلمي حبلاً إلى المستقبل ، فإذا ما لصق بما وراء المستقبل شده فانقذف الرّامي إلى الأمام.
و بالتالي فالغرب يستخدم جموحه الخيالي بشكل عبقري إذ يدفع بالواقع من الواقع نحو المستقبل و هو استخدام إيجابي يدفع العَنَفَة الحضاريّة نحو الأمام بشكل ملحوظ ....
ففي الغرب ينبثق الخيال من النظريّات و الفرضيّات العلمية المطروحة لتفسير المجهول على المسرح العلمي ، ليخلق واقعاً جديداً اعتماداً على الخيال العلمي المستقبلي الشائع ، أي أنهم يخلقون الخيال من توقع المستقبل بشكل علمي ، ثم يحوِّلون الخيال المحض إلى واقع المستقبل ، فيدفعون الواقع بشكل حقيقي نحو المستقبل !!!
أما نحن ...
فواقعنا الحقيقي مبني على خيالات و ترَّهات رجعيّة قرون أوسطية ، و مئات آلاف النصوص المكذوبة التي تمتلئ بها كتبنا الصّفراء و التي تتحدث عن نصر موهوم و ملاحِم مُنتَظَرة لا علاقة لها بالواقع الحقيقي لا من قريب و لا من بعيد ... !
بل الأسوأ من ذلك أنْ أثَّرَت هذه الخرافات و الأوهام المُعَشِّشة في رؤوسنا على واقعنا الحقيقي فحولته إلى مجموعة من الحفلات الدموية و الحروب الثّأرية الناتجة عن تلك الخيالات و الترّهات و النصوص التي لا تزال إلى اليوم تُسَلسِلُنا من مكانها حيث تقبع في بطون الكتب الصفراء ... !
إذن واقعنا منبثق من أساطير و خرافات الماضي ، و لا يزال يجذبنا قهقرياً إلى الوراء ، لأن تغذيته منبثقة من الوراء و راجعة إلى الوراء و وراء الوراء !!!
لكأنّي بنا رامياً بحباله نحو الماضي الدموي العفن ، فإذا ما التصق الحبل بأقذر الماضي شَدّه فعاد به قهقرياً إلى أقذر نقطة في الوراء !
هذه هي التغذية الراجعة أو ما أسميها ( التغذية الماضَوِيَّة) !!! حيث يتم رسم المستقبل من وحي الماضي لتحافظ الأمة على رصيدها من التخلف من خلال جَلدِها لِذاتها و بعثها لخلافاتها و سجنها لنفسها في قفص التخلف و صندوق القرون الوسطى.
هذه المقارنة البسيطة توضح لنا بجلاء أننا للأسف من التخلف بمكان بحيث أن واقعنا مبني على خيال أساطيري ماضوي ، بينما يرفل الغرب من التطور و السؤدد بمكان بحيث خيالهم مبني على واقع علمي مستقبلي وشيك ...
فمن الخطأ القول بأن الغرب يتقدم نحو المستقبل و نحن ثابتون ، بل الصحيح أن الغرب يتقدم نحو المستقبل و نحن نتراجع باستمرار نحو الماضي بنفس سرعة تقدم الغرب !
لذلك هُزمنا و انتصروا فلا تنتصر إلا الحقيقة ....
و سُحقاً للخرافة و تجّار الخرافة ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق