الجمعة، 16 نوفمبر 2018

مواجعي لم تولد معي بقلم الرائع إبراهيم العمر



مواجعي لم تولد معي ـ ١
بقلم الشاعر إبراهيم العمر .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا, عندما ولدت أول مرة, وكنت جنينا,
لم أصرخ وقتها من الألم,

أفكاري ومواجعي لم تولد معي,

بكائي كان كاذبا,

وصراخي لم يكن إلاٌ إستجداء ليد ترعاني وتداعبني,

وطلبا لثدي يرضعني.

أنا لم أكن أعي معاني الولادة,

لم أكن سوى مخلوقا بشريا,

طفيليا, مستهلكا, وعالة على عائلتي,
وعلى المجتمع,

لم يكن يسترعيني البحر,

ولا طيور النورس,

ولا زهور الإقحوان ودوار الشمس والخزامى والنرجس.

أنا لا أدري كيف وصلت الى هنا,

ولا كيف ولدت لدّي كل تلك الأحاسيس,

وهذا التمازج والإنصهار,
والإفتتان والإنبهار.

فجأة أصبحت شخصا آخرا,

يعتريني إحساس أنني لم أعد أسكن في جسدي,

وأنني قد أصبحت طيفا هلاميا,
يتخلل كل ما يحيط بي,

وأنني قد أصبحت جزءا من كل شيء,

وأن كافة التفاصيل الصغيرة,

لكافة مركبات هذا المكان,

وتلك اللحظة,
قد أصبحت تسري في أوعيتي,

وأن رزمة من ضوء الشمس تسيل في مشاعري,

وتلامس خيوطي,

وتحيل كل الأحاسيس الى أنهاري وينابيعي.

أنا أعيش لحظة,
لا تتمدد ولا تتكرر,

أنا أنظر الى نفسي من خارج حدودي وتكاويني,

أنا لا أرى سوى شجرة يابسة,
وتمثالا من حجر,

أنا إنسان بسيط عادي,

لكن لا تسلخني عن لحمي اللحظات اليومية الإعتيادية,

المشحونة بالرتابة والروتين والضجر.

إبراهيم العمر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق