الجمعة، 16 أغسطس 2019

من جداول الجراح بقلم الرائع أنور محمود السنيني


.. .." من جداول الجراح..."
أي رعف بالشعور المؤلم ِ 
سوف يروي ورقي يا قلمي؟
كل شيء في حياتي لم يعد
غير حبر لدواة الألم ِ
أنا بحر من جروح موجه
من أعالي الرأس حتى قدمي
كلما هاج هنا تكتبني
كف شعر ببنان من فمي
أنا جرح لم يضمد نزفه
عزف حرف حيث أوتاري دمي
فإذا ما تقرأوني جملة
لن تروا إلا دماء المؤلم ِ
فاسمعوني فكرة لا تسألوا 
عن معانيها بحرفي المبهم ِ

يا حروفا ذات ليل صغتها
حينما استخرجتها من منجمي
أنت أحلى حلية أهديتها
جيد من لم يستحق أو يفهم ِ
سوف تبقين منارا للهدى
رغم سوء الفهم حتى تفهمي
لن تري في الدهر إلا شاكرا
بعد تذكير فلا...لا تندمي
ليس عيبا سوء فهم إنما
أكبر العيب سباب الأكرم ِ
فاصمتي الآن بربي واهدئي
لا تبالي بملام الألوم ِ
كل قبح صابنا من سبه
حسن لا شك مهما تشتمي 
نحن لا ندري غيوبا للورى
أو عيوبا دون سبر فافهمي
رب أمر جاءنا في صدفة
لم نكن نحظى به بالهِمم ِ

هكذا الدنيا على أحوالها
كم تجلت بانعكاس الهرم ِ
تخفض الأعلى إلى الأدنى كما
ترفع الثاني لأولى القمم ِ
تمنح المكروه حينا رغبة
تمنع المرغوب مسك المعصم ِ 
وتمِر الحلو طورا مثلما
تحلِي المر كأحلى النعم ِ 
تبصر الأعمى أوانا وكذا
تعمِي المبصر بالليل العمِي
تشبع الجوع بما لا يشتهى
تصنع السم بأشهى اللقم ِ 
تبرئ القاتل واللص ولا
تدرأ الجور عن المتهم ِ
وبأدنى سبب أفعالها
في أمور الخلق تمشي.. فاعلمي

يا سماء ليس فيها قمر
غير نوري في الزمان المظلم ِ 
كل ضوء فيك يبدو خافتا
أنا بدر بين كل الأنجم ِ
أنا شعر من مداد داكن
ليراع مج في طرسي دمي
أنا مطعون بصمت بارق
في وغى سب وشتم الأظلم ِ 
قد تفهمت زمانا لمعه
إنما التكرار فيه ألمي
وسواء لاح مقصودا لنا
أم بدا عفوا فقد أحيا دمي

أنا مجروح بسهم طاعن
لم أكن أهلا له من كرمي
كلما حاولت أنسى طعنة
جاءت الآخرى بأقسى الأسهم ِ
ما جروحي من لسان لاذع
مثل جرحي من بيان الأبكم ِ
أنا جرح نازف.. لا عجبا
لو أبى النسيان أطرى كلِمِي

بقلمي
أنور محمود السنيني
8-8-2019 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق