الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019

قال الراوي ( الحلقة 11 ) بقلم الدكتور سليم أحمد حسن

قـال الـراوي .. [ 11 ]  ــ مـن أخـطر مـا قـال الراوي؟!
المستشـار د. سـليم أحمـد حـسن ـ الأردن

********************************
في بـلـد ٍ مـا .. في زمـن ٍ مــا .. كان السلطانُ الحاكمُ " شـعبيا "
لا يقطعُ رأيـا في شـيء ٍ.. فاتـّخذ له عرافًـــــا أسـماهُ " نـبـيـّـــا "
كان يشاورهُ في الأمـر ِ.. وكان العرّافُ ذكيـّا.
يقرأ ما في أفكــــــار ِالسلطان ِ.. ويقضي فيه ِ ..
فيرى السلطانُ برأي ِالعـرافِ قــضاءً مقضيا !
***
في يوم ِربيع ٍ، بزغت فيه الشمسُ.. وكان جميـلا وطـريـّـا .
وأرادَ السلطان النزهة َفي الغابة ِ .. 
فاستدعى العرّافَ، وشاورهُ في الأمـر..
ضرب العرُافُ الأخماسَ بأسداس ٍفي الرمل ِ ..
وقال : أبشـر يا مولاي .. سيكون الجـوّ جميلا وطريا
وتكون النزهة ُفي موكبــك الفاخـر ِ.. عـرسـًا وطنيـــا.
***
لبس السلطانُ عباءة خـزّ ٍ ..
وعمامتـُهُ كانت مثقلـة ً تحملُ أغلى أنواع ِالماسْ ..
وجواهـرَ لامعـةً ذهبيــــة ْ..
قام الخـــدم، بسرج حصـــانِ السلطـان ألأشــهبِ..
والقادم ِمن خير ِأصـول ٍعـربية ْ.
سـار الموكبُ، يتقدمُهُ السلطانُ ..ويتبعهُ : الأمراءُ، الوزراءُ، 
الأعيانْ، وكبارُ رجال السلطنةِ .. بأبهى حـُلـل ٍ ..
وأجمل ِعربات ٍ، تزدانُ بشتى الألوانْ .
وتـُقرَعُ فيها أجراسٌ .. تختلط بموسيقا تعـزف أجمـلَ ألحـان ..
***
بطريق الغابةِ قابلهم فلاح سـأل السلطان: 
أين تسيرُ بموكبـــك الرائــع ِ يا مــــولاي ؟
والمطرُ سينزل مدرارا .. حـتى الفيضان !
ســخر السلطانُ مــن الفــــلاح الــطـيّـب ِ..
ومـضــــى فـــي موكـبــهِ نحـــو الغابـــــــةِ ..
فلقد طمأنه العـرّاف بأن اليومَ جميلٌ، صحوٌ،وسيمضي بسلام وأمان.
***
في لحظاتٍ ظهرت في الجو غيومٌ سوداء..نزل المطرُ سـيولا دافقـةً بســخاء ..
وتفـرّق ذاك الموكبُ هـربــًا ..في كل الأنحاء.
عاد السلطانُ إلى القصـر ِ كئيبـًا.. ينتفض من البللِ، من الغضبِ ..
وقد فقـدَ الحكمة َ.. أو رأي العقلاء !
أصـدر أمـرا للسـيـّافِ .. بأن يقطعَ رأسَ العرافْ بغـير تـوان ٍ أو إبـطـاء.
***
استدعى السلطانُ الفلاح َ وقال ْ.." كيف عرفت بأمـر المطــر ِ القــادم ِ..
مـع شمس ٍ مشـرقة ٍ .. وسماء ٍ صافية ٍ زرقاء ؟
ردّ الفلاحُ خجولا عفوك يا مولاي .. [ لسـت أنا .. بـل ذاك حماري ..]
حين يحسّ ببرْدِ الجـوِّ ..تنتصب الأذنانِ.. وتصبح من بــرد ٍ زرقـــــاء!
وحين يكون الحـرّ ُ.. أرى أذنيـهِ ارتختــا فوق العينين ..
كــــي تـحــمــيـــهـــا من شـــمس ٍحــارقــةٍ رمضـــاء.
***
ثـمّ اتُخِـذَ  قرارٌ عُـيّن فيه ِ "حمارُ الفلاحِ  كعـرّاف ٍ للسلطان" 
من بعـــدُ،تــــوالى تعــيــين حــمــير السلطنةِ بمراكـــزَ عـُليا وأصبح عـُرفـًا ما كان .
**************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق