الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

قال الراوي ( الحلقة 2 ) بقلم الدكتور سليم أحمد حسن


قــــــــال الـــــــــراوي .. [
2 ]
المستشـار د. سـليم أحمـد حـسن ـ الأردن
*********************************
"الراوي "، شخصية شعبية يتـذكّرها الكبار، ويتـذكّـــرون
معها زمنـا جميــلا، كان يتحدّث عن بطـــولات / أبـــو زيـد
الهلالي وعنترة.
أما راي اليوم، فهو رجـــل مهزوم مقهـور، يحمــل كامــيرا
حـديثة يصور بها أدقّ وأصدق تفاصيل واقـــعـنـا..
ولكنه أطـال لسـانه، ولم يعـد السكوت عليه ممكـنًـا فاختـفى..
********
ذاتَ شـتاء ٍ ندرَ الغيثُ .. هلكَ الزرعُ .. وجـفّ الضرعْ،
دُعيَ الناسُ، جميعـًا لِصلاة ِاستسقاءْ.
أعـْلـِن أن رئيسَ الدولةِ، سيؤدّيها معَهم.
ذلك شــرفٌ يعـتزّ به كلٌ منهم.
قبـلَ الموعـد ِ، جاءت سياراتُ الدولة ِ ..
تحمـلُ أنـواعَ السّـجاد ِالفـاخـرْ.. فـُرشَ السّـجاد على أرض ِالساحة ِ..

فتساءلتُ لماذا السجاد؟ ردّ المسؤولُ، أتريدُ لرأس ِالدولةِ قائـِدنا الرائدِ
وكبار ِالمسؤوليينَ، معالي الوزراءْ !!
أن تتســِّـخ َملابسُهم بتراب ِالأرضْ ؟
بعد قليل ٍ، صارت تلك الساحة ُمعرضَ أزياء ٍ ..
" للبدلات الفاخرة ِ"، لربطات العنق الحمـراءْ ..!

وصل رئيسُ الدولة ِ موكبهُ عشراتُ السيارات ..
حرّاسٌ، أسـلحة ٌ، واستقبالٌ رسميٌ .. وهتافات ..
هجمَ المسؤولون لتقبيل ِ يـديه ِ وخـديـهْ .
إعلانا للطاعة ِ، أو صدق ِولاء ٍ ووفـــاء.
وقف خطيبٌ يلبسُ "جبـّة َصوف ٍفاخرة ٍ سوداءْ"
لم يلبسْها بالمقلوب ؟ لم أرَ أحدًا يلبسُ شيئا بالمقلوبْ!
خطب الشيخ ُ، دعا لله تعالى ..أن يـُنزلَ غيثــًا مدرارا.
ودعا لرئيس الدولة ِ بالخيرْ.. بالعـّز ِ.. وطول ِالعـــمرِ.
وحياةٍ بسـلام ٍ وهـنـاءْ.
صلى القوم جميعـًا .. وانصرف الموكب ُ ..
بين هـتـافٍ .. ونفاق ٍ.. ودعـاءْ .لم تنزلْ نقطة ُمـاء ْ!!!
* * *
في القرية ِ.. خرج القومُ رجالاً، أطفالا، ونساءْ
ودَعـَوا بقناعتـِهم .. وبراءتـِهم .. وبصدقِ الإيمانْ
ورجاء ِالعبد ِلخالقهِ : " يللا الـغيــث يــا ربـّي ..
يسقي زرعــنا الغربي .. يللا الغيـث يا رحـمــن ..
يسقي زرعنا العطشان."
نزل الغيثُ سـيولاً، فـرحَ الناسْ ..
لم يهربْ أحـد ٌمن رحمته ِ.. اختلط الحابـلُ بالنابلْ ..
أصواتٌ تتعالى وبصدق ِالإحساسْ .. حمدا لله ِ المنعم ِ والمعطاء.
أصواتُ غناء ِالأطفالْ، بكاء عجائـزْ، وزغاريـدُ نسـاءْ .

*******************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق