الأربعاء، 11 ديسمبر 2019

قال الراوي ( الحلقة 12 ) بقلم الدكتور سليم أحمد حسن


قـــــــال الـــراوي.. [ 12 ] ويـــزداد طـول لسـان الـرّاوي
المستشار د. سليم أحمـد حسـن ـ الأردن

**************************
قـــــــال الــــرّاوي..
سأحدّثـكم هذا اليوم حديثــًا .. قد يبدو صعبـًا وصريحـًا وغـريبـا .
قد لا يرضيكم ..قد يزعجكم .. أو يغضبكم ..!
لكن يفهمُ ما فيه ِ من الحكمة ِ.. مـن كان حكيمـًا ولبيبــا
سيقولُ البعضُ بأنّ الرّاوي : رشّ الملحَ بعمق ِ الجرح فآلمنـا
وسقانـا المـر .. وأفـزعنـا .
ويقـول البعض ُ: تجاوز هذا الرواي الحـدّ وزاد ..
وتناسى أنـّا عربٌ ماضينا أمجـاد .
لكني سأحدثكم .. كالعادة ِ ..ما أقرأه ُ، أو سـمعه ُ وأراه ْ.
واعتبروا أن حكايتـَنا اليوم .. مجرّد ملهاة ْ!
* * *
في إحدى الاسطبلات ِالعربيـّةِ .. عاشت حيواناتٌ منها بعض حمـيرْ
وحمار فيها كان صغير ْ!يقفز ُ، يركضُ خلف أبيه ِ..
ويأكل إن شاءَ .. حشائشَ ..أو تبنــًـا وشـــعير .
ذات صباح، قرر أن يمتنع عن الأكل ِ،عن الشرب  بلا إيضاح ٍ أو تفسـير.
***
خاف عليه أبوهُ .. ـ فراح يحدثهُ، يا ولدي مالكَ ؟
ماذا فيكَ هـَزُلـْتَ وقد تمرضُ ..قد تلقى سوء مصير !

ـ يا أبت ِ يزعجني البشرُ.. وفيهم عقلي يـحتـارْ ؟
قالوا عن كلِّ غبيّ ٍ منهم .. أنت حمـار! ولمن يخطىءُ منهـم .. أنتَ حمـار !
ولمن سخروا منه حمـار !ولمن غضبوا منه حمـار !
والحـق ّ بأنـّا مظلـــومونَ .. وأنّ الظلـــمَ  حـــــرام .
نعمل طولَ اليوم ِ ونتـعبْ.. نصبرُ حين َ نجوع ُ ونـُرْكـَبْ..
نعطشُ يا أبتاهُ ونـُضـْرَبْ !!
ماذا بعـدُ، كـرهتُ حياتي.. دعني، إنّ  الموتَ مريح ٌ أرقـد بهدوءٍ وســلام .
***
احتار الأبُّ وفـكّـــرَ فكّـــرَ .. والتفكـــير هــداه ..
ـ  يا ولدي، إنّ الإنسانَ العاقلَ أحسنُ خلق الله.
أكـرَمَهُ بالسمعِ، وبالبصر ِ، وبالنطق ِ، وبالخير ِ، وبالمـال ِ، وبالجاهْ .
لكن الإنسان طغى وتجـبّرَ .. وتناسى شرعَ الله ِ.. ومـا أعطـاه .
أسمعت بأن حمـارا .. عـقّ الأم .. وعـقّ أبــاه ؟
أسـمعت بأن حمـارا ضلّـله الطمعُ وأعمـاه ..قـتـل أخـاهُ أو سرق أخاه؟
أسمعت بأن حمـارا .. يضربُ زوجتـَه، والأبنـاء ؟
أسمعت بأن حمـارا عربيا .. يتآمر في بلد ٍ عربيّ؟
أرأيتَ حمـارا .. فرّق بين الأهـل ؟ وقسّـمهم أحـزابا، شِـيـَعـا وطوائفَ أعداء؟
أرأيتَ حمارا عربيـا .. لا يـُخلصُ لأخيه ِ العربيّ؟
أرايتَ حمارا .. يقتـلُ شـعبـًا من أجل الكرسيِّ الخشبيّ؟
أرايتَ حمارا .. يتسكّعُ في الشارع، والمقهى يركضُ خلفَ الجنسِ..
وينسى واجبـَه الوطنيّ؟
أرأيت حمارا .. يتعاملُ مع أعـداء ِالبلد ِ.. لأجـل ثـراء ٍ شخصيّ ..
مـاذا بعـدْ .. حكِّــم عقــلــكَ واتْـبَـعْـــهُ بُـنـيّ ..
لن نسمعَ أبـدًا ما قـالوا ..وسيكفينا فخـرًا ..أنـّا لن نفعـلَ ما فعـلوا ..
وسنبقى نؤمنَ بالخير ِ .. فلا نتعبُ أو نحتارْ، وهذا عينُ العقل، وخير قرار.
***
قــال الابن : نطقت الحكمة َ يـا أبتــــاه .. سأظلُّ حمـارًا وابـن حمــار .
***************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق