الخميس، 21 مارس 2019

لهم عيد ولك عيد بقلم الرائع محمود حمود


وكم افتقدتكَ عندما جاء الشتاء يبلّلُ الذكرى لتخرج من بقايا الغيب رائحة الترابْ
حين المقابر في مواجهةِ السماء وحيدة والغيم يذرف دمعه من فوق !تشرب باقةُ الزَّهرِ التي جلست هناك لتحرسَ الموتى لمرحلةِ الإيابْ
والليل يحضنهم جميعاً لا تخفْ لم يبقَ من احدٍ ليمسح حزنك النائي هناك ووحده الليل المعدّ ليفزع الاحياءَ منه في انتظارك قاعدٌ وقت الذهابْ
في البيت بعضٌ من حضورك صورة في الرفّ تضحك لحظة التصوير ترسم في الإطار حكاية المنفى الضّروريِّ المواجهِ حزن امي حين تذكرك الصباح بصمتها المقروء
في شفةٍ تبعثر سرّها حول المكان وفي يديها كوب قهوتها الصغير ترتّب الذكرى وتشرب وحدها مرّ الشرابْ
هل يوصد النسيان بابَ دموعها
او يقدر الفنجان حِفْظَ مزاجها المتوجِّسِ الأفكار حين يحوم حول عيونها الماضي ويَعْكر صفْوَ جلستها الضبابْ
لن تعرف الأعياد أمّي بعد هذا اليوم حتى بسمة العينين فيها كالظّلام يخبّئ الأسرار ،أعلم أنّها تتصنّع الضّحكات ترفض تَرْكَ مهنتها الشريفةِ كونها أمّاً تقطب الأوجاع فيها ربّما، وكما تعوّدَتِ المساء بأنْ تخيط لنا الثيابْ
العيدُ يُرجع في التذكّرِ غيبهم
كانوا هنا بالأمس نسمع صوت من رحلوا نراهم حولنا تتوالد الأحزان فيه عكس ما يصبو إليهِ منطق الأعياد، يحترفُ العذابْ
أمّي ويجرحها على الأفراح عيدٌ هل من احدٍ تراه يعيش مثلك عيده سوءَ الغيابْ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق