الثلاثاء، 15 يناير 2019

المبروك ...قصة بقلم الرائع مجدي متولي إبراهيم


المبروك ــ قصة قصيرة

تجده فى كل مكان من ارجاء القرية وضواحيها , يهرول هنا وهناك , قدومه قدم سعد يتسابق عليه أهل القرية ليحظى كل منهم بضيافته , يستريحون بجواره , حضوره يخفف عنهم أوجاعهم, وهمومهم , يستطيع بيده البيضاء وقلبه الخالى من الدنيا أن يرسم البسمة على الشفاه اليابسة.. اعتاد أن يقضى سحابة نهاره جالساً عند مدخل القرية بالقرب من البحيرة.. حيث البيوت متلاصقة , تتكىء الجدران على بعضها البعض , تتسلل الشمس الذهبية عبر شبابيكها الملونة. عيناه كخضار البحر عند الغروب , وجهه كوجه القمر فى ليلة البدر , ترتسم عليه لحيته الذهبية , يتدلى شعره على كتفيه يخفيه بشال أبيض , تجده طويل القامة , عريض المنكبين , يظهر ويختفى من آن لآخر.. ولايعلم أحد من أين أتى ؟.. ذات يوم , كان عائداً بمحازاة البحيرة.. كانت تنتظره أشجان التى ترى فيه صورة ملاكها الوسيم , وجدته أمامها يسير وحده قاصداً طريقه إلى الكوخ .. كاد قلبها يقع بين أضلعها , راحت تزهو بثوبها المورد وهى تتنقل بخطى ممزوجة بدلال.. لم يشعر بها , خطواته الهادئة تمزق أحشاءها. صرخت والقت بنفسها فى ماء البحيرة , دون أن تدرى.. انفرجت اساريرها عندما حملها بين يديه ودلف بها إلى الكوخ , خطى خطوتين إلى الداخل.. كان الكوخ فى حالة فوضى عارمة.. عيناه الصافيتان تطعنان قلبها , يداه الحانيتان تخنقان أنفاسها.. اسبلت عينيها وارتمت على الأرض , كانت الأحلام تداعبها والرغبة تلاحقها , انهيارها التام أصم أذنيها عن سماع صوته وهو يردد
: "الله حى .. الله حى " . عندما أفاقت قدم لها كوباً من الشاي.. تمتمت بصوت رفيع , وعيناها تحدقان فيه
: لماذا أنقذتنى يا مبروك ؟ راح فى صمت طويل.. بينما يدها تعبث بشعره المنسدل على كتفيه وأردفت
: ما أجمل عينيك ! نظرت حولها , وقد كشفت من جسدها اكثر مما أخفت تحت جلبابها المبتل الكاشف عن نهديها , اقتربت منه , التصقت به وتمتمت : أنظر يا مبروك ألم أكن جميلة ! تصبب عرقا.. صرخ فى وجهها
: ماذا تفعلين ؟ 
: النار يا مبروك أريد أن أطفئها.. إن لهيبها يؤلمنى. يمزقنى. 
: ساقرأ لكِ بعضا من القرآن , حتى يهدأ قلبك. 
: عجباً ألم تعرف كيف تطفئها ؟ 
راحت يدها تعبث بصدره.. ارتعد جسده.. نهض مذعوراً 
: عرفتها .. عرفتها. 
: هل ذقت حلاوتها ؟ : لا .... : لماذا يا مبروك ؟ : لانها جريمة محرمة. انقبض قلبها وسالت دموعها وهى تحاول تلملم خجلها.. نهضت بمحازاة الشاطىء تضرب الأرض بقدميها , وهى تلهث بحيث بدت أقدامها وكأنها لاتكاد تلامس الأرض , راح يرقبها وهى تعدو حتى اختفت بين الحقول.. 
وجهه يشع نورا والابتسامة تملأ محياه. 
مجدى متولى إبراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق