الأربعاء، 11 أبريل 2018

المشهد الأخير بقلم الرائع عبد الله مياس

(المشهد الاخير) بقلم.عبدالله مياس

بين البقاء والموت خيطٌ من الدخان المتلاشي السخيف الذي ان رايته ابهرك بياضه لكنه يحمل في ذراته الصغيره جريمة الحياة التي اقترفتها يديها لتسود وتنستفذ اخر انفاسك بلا رحمة...وفي مشهدها الاخير يصطف شخوصها ونصوصها ومؤلفها ومخرجها لإنتاج اعظم تراجيديا بين فن التجريد والفن السابع ، وفي المقعد تراني متناغماً مع الموسيقى التصويريه مناظراً الاضاءه المسرحيه ، والستارة تنشق كجرحٍ في القلب اصابه سهم ارتد من الماضي الذي لم يرضخ لعملية التشويه بفرشاة الالوان...ويبدأ المشهد الاخير عندما ينتهي الحضور من التصفيق والحاضر من آنيتهُ ليبدأ الماضي بدوره القديم وهو يذرف الدمع المرسوم على اوجاعه متبعثرآ على سطور جبهتهُ المتجعده الشائخه... متحدثا ً : أأبكي الزمان ان عاد متآخراً فيصيبني الماً فيا ربُ ما تراني افعلُ أأحزنُ ام تراني للنصيبٍ لا أغفرُ ...او تراني ابكي زماني او استريح لأنك الله من يهديني السلامُ ومن يرضيني حين الالم يستبيح الجراح وينساني... أأبكي اللهم على احتراقي ونسياني ام تراني باكياً على من ابكاني...من للزمان يبكين بعدما انا الزمان نسيت ما كان وآآآآآآن...!!!
اااااااااهٍ من للزمان ينشد ويذكرُ
فما عاد للزمان مذكرٌ لكنهم انكرُ
والحضور في فوضى تثرثر ...وانا في المقعد لا انتهي من المشهد وكأن الزمان وانا من لوحة المأساة لبيكاسو وتبدأ موسيقى في الغليان لتراجيديا شوبرت السمفونيه الرابعه لتسرد صراعات الامم وملحمية الماضي البائس...
منذ ان خرج الفن التراجيدي منذ الازل عندما خرج ادم الجنه وقتل قابيل اخاه هابيل وبتواتر الى ان اصبح القتل لوحة ترسمها ريشة مونش في الصرخه والى غوغان في من اين اتينا ومن نحن والى اين نحن ذاهبون وحتى ريشة الحرب في الانسان يقتل اخاه الانسان ... والحضور في فوضى تثرثر...وانا في المقعد لا انتهي من المشهد...
ويبدأ الحاضر بانتزاع الاضواء والحضور في التصفيق والتحديق عندما ابتلع الجمع اللسان وسكن المكان ليبدأ متحدثاً : آن للماضي ان يعود بسيقانه المرتعشه وجفانه المنعقده الى مثواه الاخير فلم يعد للزمان بيننا مكان والحضور في فوضى للماضي آن يرحل وانا في المقعد لم انتهي من المشهد اذرف دمعةً لم ترحل عيني والزمان يذرف دمعةً اراها تسيلُ باكيتاً ترحل...والبكاء يعلوا بيننا فالقدس لنا والشام لنا والحضور في فوضى ارحل ايها الماضي فلست لنا وانا في المقعد لم انتهي من المشهد والهتاف بيني وبين الزمان لا ينتهي وصراخ الطفل اليتيم في همهمةٍ يخاف ان يعلو فيقتل كما قتل اباه...والثكلى تصيح خجلى اي بني لا تخف إن في الثرى ربٌ يحميك ان في الثرى اله يسقيك ان في الثرى الله لا ينسيك...وهناك اباً بين الجمع يأن وجعاً على طفله ذات الاعوام الثلاث الذي اقترف جريمة الحياة لاننا لا نستحق العيش في غاب اللجوء ولاننا قبلنا الوجود واعترفنا بالضاد... قتلنا ، وتبعثرنا وسفك دمنا ومثل باجسادنا لاننا عربٌ ولاننا من عربٌ سقنا الى الحرب بسلاسل العرب الى الاعدام ونحن نلقن الشهاده على يد المجوس العرب... هكذا تعلمنا في مناهجنا ان الوجود خطيئه والانفاس خطيئه والكلام خطيئه والعروبة خطيئه والحضور في فوضى يضحكون وانا في المقعد لم انتهي من المشهد، وانا والزمان نوضب الامتعه المتناثره بحبة قمح ثكلىٍ وسنبلةٍ قتلى وحفنةٍ من تراب بلادي العطشى لنسير بين الجمع والهتاف يعلو بيننا عربيٌ انا بهامتي عربي وبدمي عربي مهما انتبذنا فكلمة الله هي العليا وكلمة الظالمين هي السفلى والحضور في فوضى وانا والزمان في المشهد الاخير....!!!!!

عبدالله مياس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق