أعمى ... في بلاد العرب
دخلت أنا الأعمى بلاد الموتى ...
فوجدتهم أحياء .. يقفون جميعهم .. كـ أشباح الليل
الساكن في جدران الجهل ..
و كـ خيال الظل وسط الحقول يخيف العصافير و الطيور ..
وجدتهم صامتين كـ رهبة الحزن
الراقد في أعين الجبناء تحسست وجوههم ..
وجدتهم جميعاً ... يرتدون نظارة سوداء على أعينهم
فـ تعجبت .. كيف و الشمس لم تشرق بعد في بلادهم ....
فـ ظننت ولو للحظة .. أنهم عميان مثلي ...
فـ سألتهم : لماذا هذه النظارة السوداء
في غياب الشمس عنكم ؟
قالوا : نخاف النور .. فأعيننا لم تبصر سوى الظلام ....
و نخاف الكلام .. حتى نسينا حروف لغتنا العربية
ضحكت بسخرية و قلت : كيف تخافون الكلام ....
و أنتم عباقرة الثرثرة ... فوق أطلال الوجع و الألم
جذبني أحدهم .. و نظر في وجهي ..
و قال ... أنت هو أنت ... قلت : أنا من ؟
قالوا جميعاً : نعم هو أنت من نريده .....
قلت : و من تريدون
قالوا : نريدك حاكماً علينا توجناك ملك من الآن ....
قلت متعجباً : كيف و أنا أعمى ؟
تجمهروا حولي بصوت مرتفع ...
أنت حاكمنا .. أنت ملكنا ....
سوف نجعل من ضعفنا و ذلنا تاج لك ...
مزخرف بالسمع و الطاعة
و عرشك منقوش بالظلم و الطغيان ...
و نبيذك من عرقنا و دمنا ودموع أطفالنا ...
و طعامك .. جثث شهدائنا ...
و سوف نبني لك قصر قبته الخسة و الخيانة
...و جواريك ... نساء بكر من حرائر الزوجات
الثكلى و الأرملة ....و العاكفة على اليتامى
و من جدائل شعر النساء صنعنا لك ...
عصا .. تسوق بها أحلام أولادنا و من أنفسنا ..
جعلنا منها أصنام ثلاث .... لا تسمع و لا تتكلم
و لا ترى تتعبد في محراب آلهة الضلال ..
وقتما تشاء ... هكذا .. تكون أنت حاكمنا
قلت : متعجباً .... تباً لأمة ضاعت لم يتبقى منها إنسان ...
تباً ... لكل أعمى في بلاد العرب
#هاني الشوبكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق