الأربعاء، 5 ديسمبر 2018

من علّمك الشّعر بقلم الرائع محمود حمود


من علّمك الشِّعر؟
_أبي
وهل كان شاعراً؟
لا ،ولكنني فقدت نفسي معه وأنجبني الرحيل ثانيةً.

يُعَلّمني غيب الأحبَّةِ فرقةً
صياغةَ شعر ِ الحزنِ بين دفاتري

هنا الحرفُ يحكي ما أُداريهِ خِشيَةً
ويعبرُ رغمَ البعدِ مثلَ التخاطُرِ

أراهُ كَحُلْمِ العاشقينَ بليلةٍ
يُلاقَوْنَ بالأحلامَ رغمَ التشاجُرِ

وأنسى عقاباً منه كانَ يذيقني
وأشتاقُ كم أشتاقُ مسَّ الأظافرِ

أَصابعهُ الملساء حينَ تَمَسُّني
تعيدُ الحياةَ من جديدٍ لحاضري

فقلبي على الفقدانِ غابَ ضِياؤهُ
كَأَنَّهُ ما عادَ الفضاءُ لطائرِ

أبي الوجَعُ المخفيُّ لستُ أقولُهُ
أعيشُ بِأَوهامِ انتظارِ المسافرِ

وَأَعلَمُ انّ الله ليسَ يعيدُهُ
ولكنَّني أَلقاهُ عندَ المقابرِ

لعلَّهُ لو يلقى المساءَ أَزورُهُ
يقومُ من الأجداثِ جبراً لخاطري

أبي لم يزلْ عنوانَ أحلى قصائدي
لتَظْهَرَ في الأشعارِ فَيْضُ مشاعري

فلو ذرفَ الحبرُ الشعورَ لقالها
تجفُّ بوصفِ الأبِّ كلُّ المحابرِ

أبي من ترابِ الحزنِ كان فؤادهُ
على الصَّبرِ بالأوجاعِ عزّ المكابرِ

وما خانَ يوماً بالكلامِ جروحَهُ
وَأَنهى حياةَ الجرحِ فيهِ كَشاكِرِ

كأنّي أرى بالثغرِ كانَ يقولها:
وَأعْلَمُ أنَّ الله لا شكَّ ناصري

فمن يكُنِ الله الرحيم بقربهِ
تهونُ على الإنسانِ كلّ المخاطرِ

محمود حمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق